في يوم ما ..
آلمتني صديقتي .. وخز في قلبي إبرة .. خرجت منها كلمة .. جرحتني .. لكني لا زلتُ
أقول عنها أنها صديقتي .. وستبقى ما بقي فيني حياة .. صديقتي ..
ليس كل ما
تفعله صديقتي .. يجب أن يعجبني ..
لها شخصيتها .. لها استقلاليتها .. لها حياتها
.. وبالمثل .. أستقل عنها بشخصيتي وتصرفاتي ..
ربما يتبادر لذهني لوهلة .. أنها
لا تحبني .. لا تريدني صديقة لها .. لكن عليّ أن أنظر لأبعد من ذلك ..
وحتى
إن باعدتنا الظروف .. فالصداقة ليست لقاء جسدي دائم .. إنما هي تواصل روحي والتقاء
القلوب ببعضها .. فكم من صديقة تبعدني بآلاف الكيلو مترات ..
وكم ممن يمرض عيني
لقاءها .. أصبح وأمسي على وجهها !
قرأتُ يوم أمس عن أعز أصدقاء جنكيز خان ..
كان صقره !
الصقر الذي يلازم ذراعه .. فيخرج به ويهده على فريسته ليطعم منها
ويعطيه ما يكفيه .. صقر جنكيز خان كان مثالاً للصديق الصادق .. حتى وإن كان صامتاً
..
خرج جنكيز خان يوماً في الخلاء لوحده ولم يكن معه إلا صديقه الصقر .. انقطع
بهم المسير وعطشوا .. أراد جنكيز أن يشرب الماء ووجد ينبوعاً في أسفل جبل
..
ملأ كوبه وحينما أراد شرب الماء جاء الصقر وانقض على الكوب ليسكبه
!
حاول مرة أخرى .. ولكن الصقر مع اقتراب الكوب من فم جنكيز خان يقترب ويضرب
الكوب بجناحه فيطير الكوب وينسكب الماء !تكررت الحالة للمرة الثالثة .. استشاط
غضباً منه جنكيز خان وأخرج سيفه ..وحينما اقترب الصقر ليسكب الماء ضربه ضربة واحدة
فقطع رأسه ووقع الصقر صريعاً ..
أحس بالألم لحظة أن وقوع السيف على رأس
صاحبه .. وتقطع قلبه لما رأى الصقر يسيل دمه ..
وقف للحظة .. وصعد فوق الينبوع
.. ليرى بركة كبيرة يخرج من بين ثنايا صخرها منبع الينبوع
وفيها حيةٌ كبيرة
ميتة وقد ملأت البركة بالسم ! أدرك جنكيز خان كيف أن صاحبه كان يريد منفعته .. لكنه
لم يدرك ذلك إلا بعد أن سبق السيف عذل نفسه ..
أخذ صاحبه .. ولفه في خرقه ..
وعاد جنكيز خان لحرسه وسلطته .. وفي يده الصاحب بعد أن فارق الدنيا ..أمر حرسه بصنع
صقر من ذهب .. تمثالاً لصديقه وينقش على جناحيه :' صديقُتك تبقى صديقَتك ولو فعلت
ما لا يعجبك 'وفي الجناح الآخر : ' كل فعل سببه الغضب عاقبته الإخفاق
'