بسم الله الرحمن الرحيم
هذا بوستر فيلم ""I Love You, Man لـ Paul Rudd و Jason Segel ...
* * * * *
( طيبة .... ام سذاجة )عادل , شاب عادي جدا بل اقل من العادي , دائما أصدقائه يعتبرنه مركز سخريتهم , هل تعلمون السبب ؟؟
عادل يبلغ من العمر خمسة و عشرون عاما , ملابسه تعود الى القرن الماضي و لا يعرف معنى الموضة أو التحديث ..
يرتدي قميصا بيج اللون كاروهات مزررا حتى عنقه , و رابطة العنق بنية اللون
تكاد تخنقه و يرتدي بنطال قماش مخطط اسود اللون , و حذاء اسود على الطرز
الإنجليزي القديم ...
يرتدي نظرات سميكة و ضخمة و كأنه عالم ذرة , و شعره القصير دائما مجعد ...
عادل شاب نقي , طيب القلب , ناجح في عمله , هادي الطباع و الملامح لا يحتك
مع احد لا يعرفه , دائما خجول إذا تحدث مع شخص لأول مرة , و يكون محرج أكثر
عندما يرى أصدقائه يضحكون لأمر ما و هو لا يستطيع ذلك ليس لأنه كئيب , و
لكن يشعر بأنه ليس الأمر الذي يستحق الضحك من أجله , لا يستطيع الحديث مع
النساء الحسناوات و ذلك سبب طرده من العمل أكثر من مرة بسبب تلك المشكلة
...
عادل يحب قراءة الخواطر و النثر و القصص القصيرة و يحب قراءة الصحف العالمية ...
يعمل عادل الآن في مساعدا في متجر لبيع الحلويات , عمل غير شاق و لا يحتاج لاحتكاك مع الناس ...
* * * * *
كريم نجل مدير المتجر , شاب " مروّش " عكس صديقنا عادل , دائما يرتدي ملابس
على أحدث موضة , شعره طويل قليلاٍٍ , يتحرك و كأن به جنـّة , بائع للدنيا ,
يضحك مع هذا و يتحدث مع ذاك , بينما ينظر عادل إليه و يقول في نفسه : "
لماذا أنا لست مثله , ماذا ينقصني ؟؟ "
كريم يتواجد بالمتجر باستمرار , لا يفعل شيئا سوا الضحك و الحديث الغير مجدي مع الجميع ...
فلاحظ عادل ان كريم يتحدث الى الهاتف فأقترب عادل منه قليلا فسمعه يتحدث مع
فتاة , فسمعه يقول لها و هو يضحك : " صدقيني يا حبيبتي لم أكن هناك , لم
اذهب مطلقا , ربما شخصا ما يشبهني , حسنا مع السلامة "
فالتفت كريم للخلف فرآه واقفا خلفه , فتغيرت ملامحه بشدة
فأرتبك عادل فورا و قال : " انا أسف يا كريم , لم اقصد و لكنني كنت سأذهب الى ... "
ابتسم كريم و وضع يديه على كتفه و قال : " لا بأس .. "
فتركه و مضى سيره , فنظر عادل إليه و هو يقول في نفسه : " كم أتمنى بأن أتعرف على الفتيات "
فوقف كريم فجأة و نظر خلفه بسرعة فوجده مازال واقف فقال له : " ما الأمر .. ؟ "
فاقترب إليه عادل بسرعة و قال : " كيف تستطيع التعرف على البنات ؟؟ "
أنصدم كريم و قال : " الم تقيم علاقات بعد ؟؟ "
رد بتوتر : " لا "
ضحك كريم ضحكة عالية : " هل أنت شاذ ؟؟ "
ثم أضاف : " يا عزيزي لن تستطيع إقامة علاقات مع الفتيات بهذه الخليقة "
انزعج عادل من كلامه و قال : " أنها خليقة الله .... ثم أنني لا أستطيع فعل ما تفعله هذا "
ثم قال : " هل سوف تتزوج تلك الفتاة التي كنت تتحدث معها منذ قليل ؟ "
رد بسرعة و بلا وعي : " بالطبع لا .. "
- " لماذا تناديها بحبيبتي إذا , ... "
- " أنها صديقتي "
فقال و كأنه يهزأ منه : " صديقتك ؟ , انتم أيها الشباب أفسدتم معنى الصداقة .... "
ارتدى ملابسه و همّ لمغادرة العمل فأوقفه كريم و قال له :
" هل تريد أن تقيم علاقة مع فتاة ؟؟ "
ابتسم عادل و قال بلهفة : " أتمنى ذلك "
- " بملابسك هذه ؟ "
كريم باستغراب : " وما بها ؟؟ "
- " أظن أنها تحتاج إلى تغير قليلا , ما رأيك أنت ؟ "
* * * * *
دخل عادل و كريم ملهى ليلي يعج بالشباب و الفتيات التي ترقص رقصات فاضحة
وسط الموسيقى الصاخبة و و الأضواء المختلفة المتحركة التي إصابته بالدوار ,
حتى جلسا على طاولتهم المخصصة لهم . . .
- " هيا يا عادل اجلس "
جلس عادل بهدوء فشعر بأنه محرج و بقيّ يلتفت يمين و يسارا خوفا من يراه أحدا يعرفه ...
بينما كريم يمرح مع الموسيقى الصاخبة مرت من أمامه فتاة طويلة , جسدها
ممتلئ قليلا , حسنة المظهر , ترتدي ملابس مميزة , فصرخ و قال بمرح : " لقد
بدأت سهرتنا "
فسرعان ما امسك عادل يده و قال له : " من فضلك يا كريم .... "
ضحك كريم و قال له : " اصمت يا عادل "
فوقف بسرعة و صرخ : " يا ريم . . . . يا ريم "
فالتفت هذه الشابة و ابتسمت ثم اقتربت نحوهم قليلا و قالت : " كريم كيف حالك ؟ "
فجلست و هي تنظر الى عادل نظرات ذات معنى . . .
فأجابها كريم و هو يمعن النظر بها : " بأحسن حال و أنتي يا ريم ؟ "
فضحكت و قالت : " بخير "
فقال لها : " من معك ؟ "
نظرت إلى الطاولة التي تجلس عليها ثم قالت : " سارة و منى و .... سوزان و خطيبها "
ثم نظرت إلى كريم مرة أخرى ..
فقال لها : " هل تستطيع ان تشاركينا الجلسة اليوم "
ابتسمت و قالت : " حسنا , لا بأس من ذلك "
فنظرت الى عادل و لوحت بيدها و قالت : " هاي , أين أنت ؟ "
فشعر عادل بوخذة ثم قال بارتباك : " و أنتي كيف حالك ؟ "
ضحكت ريم و قالت : " يبدو و انك شارد الذهن "
فتقدم إليهم النادل و قال لهم بأدب : " ماذا تفضلوا ان أقدم لكم ؟ "
فقال كريم له : " نريد ثلاث زجاجات من المياة الغازية "
- " حسنا سيدي " و انطلق فورا
فلم يلاحظ و إلا اخرج كريم من جيبه لفافة عجيبة الشكل و اللون و قام بإشعالها باستمتاع ..
وقف عادل و صرخ على الفور : " ما هذا ؟؟ "
أحرج كريم و حاول ان يخفي إحراج فأمسك يد عادل و قال له بصوت خافت : " أجلس , أجلس "
وضعها كريم في فمه و استنشق ما بها ثم قال : " هل أنت مجنون , ما الذي فعلته هذا ؟ "
فأجابه عادل قائلا : " قلت لك ما هذا ؟ "
فنظر كريم إليه و قال : " مخدرات , هل ارتحت ؟ "
لم يستطيع عادل ان يبادله الرد , و لذلك اكتفى بأنه غادر النادي دون أن يتحدث معه ...
بينما حاول كريم إيقافه و لكن لم يكن بوسعه ذلك ...
غادر عادل الى بيته و خلد الى سريره حتى الصباح للذهاب الى عمله مجددا . . .
و عند الصباح , في أثناء عمله لاحظ ان كريم بجواره يحدثه بصوت خافت : " عادل ..... عادل "
فالتفت إليه بانزعاج : " ماذا تريد ؟؟ "
فضحك كريم ثم قال : " هل أنت منزعج ؟؟ "
فنظر إليه باستهزاء و قال : " لا " , ثم التفت إلى عمله مجددا
فتركه و غادر و هو يقول : " لمعلوماتك فقط لقد طلبت ريم رقم هاتفك "
فنظر عادل على الفور بابتهاج فلم يجده , فسرعان ما اخذ يبحث عنه حتى وجده
في مكتبه , فدخل غرفة مكتبه فوجده جالسا يشاهد التلفاز فقال له : " ماذا ..
ماذا قلت للتو ؟ "
فجلس بجواره فور دخوله , بينما كريم يقلب بجهاز التحكم بيده و يتحدث دون النظر إليه :
" ريم كانت ... كانت تريد .. رقم هاتفك "
فأمسكه عادل من كتفه و جعله ينظر إليه و قال له : " ريم التي كنا معها بالأمس ؟؟ "
- " بلى " و التفت إلى التلفاز مرة أخرى ,
فظل عادل يفكر مليا حتى قال لكريم بتردد : " و هل أعطيتها رقمي ؟؟ "
ضحك كريم و قال : " بالطبع "
فقال عادل بسرعة : " هل هي تخصك ؟؟ "
فأشار بيده دون النظر إليه و قال : " لا فهي لك .. "
ظل يفكر عادل قليلا , شارد الذهن , عيناه ثابتتين حتى قال بسرعة : " و هل أخبرتك متى سوف تتصل بي ؟ "
فأجابه كريم دون النظر إليه : " لا اعلم , ربما اليوم , ربما غدا , ربما بعد أسبوع "
فجأة سمع عادل احد يناديه يقول : " يا عادل تعال , أين أنت "
ارتبك عادل و قال بصوت عالي : " أنا قادم ... قادم "
فنظر الى كريم و قال : " أشكرك يا كريم " و غادر بسرعة
فأشار بيده و قال : " لا عليك "
* * * * *
في منتصف اليوم اتصلت ريم بعادل فلم يتعرف عليها بقوله : " المعذرة من المتصل ؟؟ "
- " أنا ريم التي .... "
فقاطعها مسرعا : " نعم نعم , تذكرت , كيف حالك ؟؟ "
فأجابته بأنثوية : " مرحبا يا عادل , اسمك عادل أليس كذلك "
احمر وجه و بدا عليه الارتباك و بفرز الأدرينالين بشدة فلم يعد يقوى على فعل شيئا
فأجابها بلامبالاة : " لا أذكر ..... " , و عندما أدرك نفسه قال مسرعا : " بلى انا عادل "
ثم قالت : " حسنا يا عادل , هل أستطيع ان أراك اليوم ؟؟ , ام أنت ...... "
فأجابها بسرعة : " بلى , لا بأس , وقت ما تريدي "
فظلت تفكر و تصوت صوت أنثوي ينم التفكير حتى قالت :
" ما رأيك اليوم عند الساعة التاسعة , في مقهى ستارباكس كافيه في المهندسين ؟؟ "
دون ان يفكر قال بسرعة : " هذا ممتاز "
فأجابته بسرعة : " حسنا سوف انتظرك هناك , مع السلامة "
و أغلقت الهاتف بعد ذلك , فظل عادل حائرا , و هو يقول لنفسه " هل هذا طبيعي ؟ "
فسرعان ما ترك ما بيده و ذهب الى كريم فوجده جالس على المقهى الذي يقع بجوار المتجر
فأقترب إليه و أخذ يصرخ كالأطفال : " كريم .. كريم .. كريم "
فنهض كريم بسرعة حيث ظن ان هناك مشكلة ما , فقال كريم بلهفة : " ما الأمر يا عادل ؟ "
فأجابه ببطء و بسعادة : " لقد اتصلت بي ريم , و تريد ان تراني الليلة "
فظهرت على كريم الابتسامة , وكأنه شعر بأن أخاه الأصغر قد اجتاز الاختبار بتفوق ...
فقال عادل بسرعة : " ماذا افعل ؟؟ "
- " اذهب لها و لكن إليك بعد النصائح كي تنجح مع هذه النوع من النساء "
أجاب باستغراب : " نصائح ؟؟ "
- " بلى , تعال اجلس "
فجلس عادل و كريم و أخذ يشرح له النصائح بتأني شديد ..
- " أولا , حاول يا عادل ان تبتسم كثير , ثانيا , لا تكون ثرثار و اختصر
الكلام بقدر الإمكان , ثالثا , كن مهذب معها , مثلا قل لها ... قل لها مثلا
لو سمحتي , من فضلك عفو , شكرا , ... و هكذا "
ابتسم عادل ثم قال : " حسنا و ما التالي ؟ "
- " تنفس بعمق قبل ان تتكلم كي لا ترمي كلاما لا تعرف عواقبه , و عندما تتكلم لا تكف النظر عن عيناها "
ثم أضاف بتحذير : " إياك ان تذهب إليها و لا تحضر لها شيئا "
- " لا لا , لا تقلق سوف اجلب لها بعض الأشعار الرومانسية الجميلة "
فصرخ كريم و قال : " غبي ! "
حزن عادل و قال : " بماذا أخطأت ؟ "
فصرخ و قال : " أي أشعار هذه في الزمن الإنترنت و السرعة ؟ "
ثم أضاف بهدوء: " يا عزيزي افهمي و لا تجعلني افقد صوابي , هذه الأشعار
التي تتكلم عنها منذ السبعينات , أين الفتاة التي تقــّدر هذا الآن ؟؟ "
فأعتذر عادل و قال : " حسنا .... أكمل يا أستاذ "
فعدل كريم موضعه ثم قال : " أين كنا .... "
ثم قال بسرعة : " أوه نعم .. احضر لها مثلا وردة حمراء , و حاول ان تفتعل شجارا من أجلها , ان الفتيات يحبون ذلك "
باندهاش : " افتعل شجارا ؟؟ "
- " بلى "
ثم قال كريم : " و نقطة أخرى , حاول بأن تجدد ملابسك هذه "
باستغراب وهو ينظر الى ملابسه قال : " ملابسي , و ما بها "
- " اسمعني جيدا , الفتاة تحب الذي يعتني بملابسه "
- " ولكني لا أحب شراء الملابس الحديثة , ثمنها أصبح باهظا جدا "
- " الطقس حارا اليوم يا عادل , لماذا ترتدي قميصا بكم طويل و مزرزا حتى عنقك , الا تشعر بأن حرارتك مرتفعة ؟؟ "
ثم أضاف : " حسنا قبل الموعد سوف أأخذك الى بيتي و خذ ما يحلو لك من الملابس "
- " أشكرك يا كريم "
ثم مد كريم يداه إليه و قال : " و الآن أعطيني تلك النظارة ... "
فأصابه الاندهاش : " نظارتي , لماذا ؟؟ "
بتأني : " اسمع كلامي يا بنيّ "
- " حسنا تفضل " و أعطاه النظارة . . .
أخذها منه ووضعها على الطاولة ثم قال بابتسامة : " في النهاية يا ولدي , قبلها "
نهض عادل بسرعة : " ماذا تقول ؟؟ "
أجاب كريم باستغراب : " ماذا أقول ؟؟ نعم قبلها من خدها قبلة رومانسية هادئة "
صمت عادل لوهلة ثم قال بغضب : " لا لا لا , هذا غير معقول "
- " أنت حر , و لكن الفتاة تحب هذا ..... , و بشدة "
فنظر إليه نظرة ضجر ....
الساعة التاسعة مساءا , ستارباكس كافيه ...
اخذ عادل يعّد على ساعة يده وهو يقول بتوتر : " لماذا تأخرت .. لماذا تأخرت ... "
فوقف لوهلة ثم جلس مرة أخرى علي كرسيه و هو مرتديا قميصا ضيقا نصف كم ابيض اللون مكشوف الصدر
فأخذ يعدل في قميصه و قال في نفسه : " انه ضيق جيدا ... سامحك الله يا كريم ... "
حتى سمع صوت أنثوي يقول له : " مرحبا يا عادل "
فشعر و كأنه أصيب بكهرباء عالية , فتجمد أمام ريم لثلاث ثواني ثم رحب بها بحرج شديد دون ان ينظر إليها : " مرحبا يا آنسة ريم "
فلاحظ ان يداها ممدوه له كي يسّلم عليها فمد يداه بخوف فشعر بنعومة يديها بيضاء التي اشد من البلسم الطبيعي . . .
فجلست ريم و قالت له : " موعدنا الساعة التاسعة أليس كذلك "
فنظر الى عينها و قال : " أنها كذلك "
فضحكت ضحكة خفيفة ثم قالت : " اعلم , كم مضىّ على مجيئك ؟؟ "
فأجابها بهدوء شديد : " نصف ساعة فقط "
فاقترب النادل عليهم و قال لعادل : " سيدي , هل تحب ان أقدم لكما شيئا ؟ "
فنظر الى ريم و قال : " ريم , ماذا تفضلي من الشراب ؟ "
و كأنها لم تهتم : " كما تريد أنت ! "
- " حسنا "
ثم نظر الى نادل و قال : " من فضلك كأسان من شراب الفراولة "
- " حسنا سيدي "
و انصرف فورا ..
و بسرعة أخرج لها وردة حمراء صغيرة و قال لها بابتسامة : " تفضلي هذه لكي "
أخذت ريم الوردة مبتسمة ثم شمّت رائحتها فصدر منها صوت و كأنها في ذروة نشوتها حتى قالت :
" الله , رائحتها جميلة جدا , أشكرك يا عادل "
أحرج عادل بشدة حتى تظاهر و كأن وقع شيئا منه فانخفض كي يلتقطه و لكنه تأخر قليلا ...
فانكشفت ساقيها الناعمتين له من أسفل الركبة فشعر و كأن صب عليه احدهم ماء مغلي ...
فنهض بسرعة و العرق يتصبب منه مع قليل من احمرار الوجه مع ابتسامة مصطنعة
فعدل موضعه حتى قالت له : " أنت جميل جدا "
صـُدم عادل عند سماع تلك الجملة و احمرت وجنتيه كالأطفال فقال لها بخجل : " أشكرك "
فقالت له بسرعة : " حقا أنت جميل و جذاب "
ثم سألته : " أين النظارة التي كنت ترتديها ؟ "
ضحك عادل ثم قال : " لقد تخلصت منها "
ضحكت ريم ثم سألته : " هل أنت مرتبط ؟؟ "
لم يستطيع عادل النظر إليها مباشرة فقال لها : " لا ..... ليس بعد ! "
فأجابت بيأس : " يا لخسارة هذه الفتاة التي لم تحظى بك بعد "
ضحك عادل بخجل و قال : " هذا الفستان جميل جدا "
نظرت الى فستانها و تحسسته بيدها كي تثيره و قالت له : " نعم , أشكرك هذا من لطفك "
بعد ثواني معدودة جاء النادل و هو يحمل الصينية على إطراف أصابعه بكل خفة و
رشاقة , فقدم لهما الكأسان من شراب الفراولة و قال لعادل بأدب : " سيدي ,
هل لديكم أي طلبات أخرى "
فنظر إليه و قال : " لا .... أشكرك "
فانحنى النادل بكل أدب و غادر على الفور . . . .
مدت يداها و أمسكت الكأس الذي يقع أمامها و أخذت رشفة خفيفة ثم قالت له : " انه لذيذ "
ابتسم عادل و اخذ رشفة من كأسه حتى سمع ريم تقول له : " حدثني عن نفسك يا عادل "
وضع الكأس على الطاولة و قال باندهاش : " ماذا تقصدين ؟؟ "
أشارت بيديها لوهلة ثم قالت : " اقصد انا لا أعرفك , حدثني عن نفسك قليلا ... "
فقال لها بثقة : " و كريم لم يخبرك بشيء عني ؟ "
أحرجت لسؤاله ثم قالت : " لا فضلت ان اعرف منك "
نظر إليها عادل بشغف ثم أصدر صوت همهمة ثم أخرج هاتفه من جيبه ووضعه على الطاولة و قال :
" انا أود معرفة أولا , ما الذي أعجبك بي ؟ "
ثم أضاف : " انا اعلم نفسي جيدا ! " و ابتسم ,
فقالت له : " أنت متواضع جدا , انت تملك ملكات ليست موجودة في هذا الزمان "
ضحك عادل حيث بدأ ان يعتاد عليها و على الحديث معها ....
حتى قالت له : " أنت لم تقم بأي علاقات نسائية من قبل , أليس كذلك ؟ "
تفاجئ عادل و قال : " و ما ادراكي ؟؟ "
ابتسمت و قالت : " هذا واضح من شخصيتك و طريقة حوارك معي "
نظر الى الأرض يائسا ثم نظر إليها : " هذا صحيح , و أتمنى ان تكوني أنتي أول فتاة في حياتي "
ضحكت ريم بخفة ثم قالت : " حسنا حدثني عن نفسك اذا "
فقال بسرعة : " انا إنسان عادي جدا , حياتي مملة جدا , ليس لدي أصدقاء , و تقريبا ان كريم اول صديق حقيقي بالنسبة لي "
انتهى عادل من كلامه حتى رآها ساكنة و لا تتحرك ثم قال : " هل هناك ثمة أمرا ما ؟ "
أجابت بسرعة : " لا لا و لكني تقريبا نفس حالتك , انا أيضا ليس لدي أصدقاء "
فقال لها مبتسما : " و ماذا عن سارة و منى و ..... سوزان "
ردت بسرعة : " سارة فقط هي الصديقة المقربة لي , أما الباقي علاقتي بهم سطحية للغاية "
فقال لها بخجل : " أتمنى ان تعتبريني أكثر من صديقك "
فقامت ريم بكل خفة و بابتسامة و انحنت تجاه و طبعت على خديه قبلة حارة ذات صوت رنان ثم عادت إلى كرسيها مرة أخرى ..
فاحمر وجه عادل بشدة و اخذ يتحسس بأطراف أصابعه موضع القبلة فلم يلاحظ إلا
ألقت ريم إليه مناديل ورقي و قالت له بابتسامة شقية : " تفضل "
فــَهــم بسرعة ما قصدت حيث تركت أثار على خده من احمر الشفاه . . . .
فمسح خديه و قال لها ببطء : " أنا لا استحق هذا "
- " لا , أنت تستحق أكثر من هذا "
فصمتا كلاهما لمدة ثلاث دقائق حتى قال لها : " ما هي هواياتك ؟؟ "
فقالت بيأس : " ان هواياتي لا يهتم بها احد في هذا الزمن , اشعر و كأنني منعزلة "
- " لماذا ؟؟ , و ما هي تلك الهوايات ؟ "
- " أحب القراءة بشدة , و أحب كتابة الخواطر , النثر , و أحب متابعة الصحف الأجنبية ... "
بينما يحملق النظر بها , سكتت ريم و قالت بضحكة : " اعلم ان هذا جنون و لكن .... "
قاطعها على الفور : " لا , العكس تماما , انا أيضا أحب نفس تلك الهوايات "
ثم أضاف بشغف : " أحب القراءة و الكتابة أحب الصحف الأجنبية , نحن نفكر بنفس الاهتمامات ... "
فضحكت و قالت : " هذا شرف لي "
ثم فجأة قالت : " هيا بنا ... ؟؟ "
فأشار عادل الى النادل و و طلب منه الفاتورة فجاء بها بعد دقيقة و دفع له ما طلب , و غادر النادل فورا ..
فأشار عادل الى يديها و قال : " هل أنتي مخطوبة ؟؟ "
فنظرت ريم الى يديها ثم قالت بتردد : " لا .. لا .. "
فقال باستغراب : " لا .. ؟؟ "
عدلت موضعها و قالت : " اقصد أني ارتدي محبس الخطبة عن عمد "
ضحك عادل و قال : " عن عمد , كيف ؟ "
- " لأني لا أريد ان يتقدم احد لخطبتي , لأني أريد ان ابحث عن هذا الشخص بنفسي "
ثم أضافت بأنوثة : " و أظن بأنني قد وجدته "
شعر عادل و كأن احد ما قد وخذه , فقال بابتسامة : " متى أستطيع ان أراكي مجددا ؟ ... "
فقالت بهدوء : " وقت ما تريد ان تراني به , سوف تجدني "
* * * * *
دخل عادل على صديقه كريم وجده يتحدث بالهاتف , فرحب كريم به بصمت و هو يتحدث عبر الهاتف
فجلس عادل بجواره بكامل فرحته ...
فأغلق هاتفه و نظر الى عادل و قال : " مرحبا يا عادل , كيف أحولك ؟ "
فقال بسعادة مفرطة : " انا فرحا للغاية , لم أكن أتوقع أقابل فتاة تعجب بي بهذا الشكل "
فضحك كريم ضحكة عالية و ذهب حيث يقوم بعمل كوب من نسكافيه فقال : " هل تريد ؟؟ "
- " حسنا "
فانتظر حتى وصول الماء ذروة غليانه ثم صبها في كوبه أولا ثم كوب عادل ,
فأقترب عادل و اخذ كوبه بينما كريم جلس يشاهد التلفاز فجلس عادل أمامه . . .
فقال كريم وهو يأخذ رشفة من كوبه : " ماذا قلت للتو ؟ "
بسرعة : " لم أكن أتوقع أقابل فتاة تعجب بي بهذا الشكل "
ضحك مجددا حتى ضجر عادل فقال : " المعذرة , هل هناك ما يضحك ؟ "
فقام من مقامه و قال : " لا , و لكن أصبحت كالأطفال "
فدخل حمّامه صغير الذي يقضي فيه حاجته ثم قال بصوت عالي : " هل اتبعت ما قلته لك ؟ "
بتردد : " بلى ... بالطبع "
فصرخ و قال : " هل قبلتها ؟ ؟ "
- " لا ... اقصد هي – بصوت منخفض – التي فعلت "
فجأة راه أمامه يقول له : " ماذا قلت ؟ "
فقال عادل له : " هي التي قبلتني "
فتحرك كريم نحو كرسيه ثم جلس فلحقه عادل و جلس أمامه
فقال كريم بهدوء : " ماذا تريد منها ؟؟ "
ثم أضاف بلهجة تهديد : " اسمع يا عادل , لا أريد إلحاق الأذى لهذه الفتاة , أنها طيبة و لا تستحق ما سوف تفعله بها .... "
فصرخ عادل و قال : " مهلا ... مهلا , ماذا تقول انت .. ؟ "
ثم أضاف عادل بثقة : " لا أظن أني سوف أجد فتاة مناسبة لي أفضل منها "
ضحك مجددا ثم قال : " بهذه السرعة ؟؟ , أنت لم تلتقي بها إلا مرة واحدة فقط "
ثم أضاف : " ثانيا أنت لم تلتقي بفتيات حتى تحكم "
فقال كريم : " لا عليك من هذا , اخبرني ماذا تعرف عنها ؟ "
- " لا اعرف عنها الكثير , لكنها مهذبة , هي فقط كان زميلة لنا أيام الدراسة "
فسأله بحذر : " هل هي مرتبطة ؟ "
فقال كريم بثقة : " بالطبع لا "
- " كيف ؟؟ "
- " اقصد يعني أنها لو كانت ارتبطت بأحد لكنا أول من علم بذلك "
ثم أضاف : " على أي حال مبارك لك .. "
فقال عادل بسرعة : " هل أتقدم لخطبتها ؟؟ "
فصرخ و قال : " ماذا ؟؟ "
فقال بفزعة : " هل هناك أمر ما يمنع ذلك ؟ "
أجاب بعدم أهمية : " لا , توكل على الله "
* * * *
في اليوم التالي و هو يمارس عمله جاءت فكرة على باله , فحاول الاتصال بريم و لكنها لم تجيب ...
بدأ عادل في تغير ملابسه فأصبح يرتدي ما يرتدون الشباب , و اخذ يستخدم أشياء لم يكن يعرفها من قبل مما أصاب كريم الاستغراب ..
حاول عادل الاتصال بها مجددا و لكن فوجئ بصوت أنثوي يقول " هذا الهاتف مغلق حاليا "
شعر عادل باليأس , فذهب إلى مكتب كريم فرآه نائما , فهّم للدخول و لكن عاد أدراجه ...
مضى قرابة خمس دقائق حائرا , ماذا يفعل , يتحرك بطريقة عشوائية في أرجاء
المكان , حتى سمع هاتفه يغني و يقول : " فينك يا عمري يا كل عمري , كل ما
أنسى أن أنت حبيبي , يصحى فيا الشوق يا حبيبي , و افتكر أيامنا تاني افتكر
أيامنا تاني ....... "
حتى أجاب بسرعة و قال : " ريم ! , مرحبا "
فأجابته و قالت : " عادل , كيف حالك , إن شاء الله بخير ؟ "
فأجاب بتنهيدة : " الآن فقط .... أصبحت بخير "
ثم أضاف بتردد : " هل أستطيع ان ... أراكي اليوم لأمر هام ؟؟ "
سكتت ريم لفترة قصيرة ثم أصدرت صوت همهمة حتى قالت : " حسنا .. "
انكشفت ابتسامة رقيقة على شفتي عادل حتى صرخ من الفرحة و قال : " أين ؟ "
فسمع منها نفس نغمتها ثم أصدرت صوت همهمة حتى قالت : " أين ما تريد ..."
ثم أضافت ريم : " حسنا ... ما رأيك في أن نشاهد اليوم فيلم سينمائي ؟ "
صمت عادل لفترة كي يتذكر هل في حوزته مالا أم لا ..
ثم قال : " حسنا , متى ؟ "
- " بعد ساعة , ما رأيك ؟ "
- " حسنا , سوف انتظرك أمام سينما حياة في وسط البلد "
- " حسنا , مع السلامة "
- " مع السلامة "
أغلق عادل الهاتف و أخذ يقبله كالمجنون حتى رأى أمامه كريم ينظر إليه و يقول : " ماذا .. تفعل ؟؟ "
و هو متجمد لا يتحرك : " لا ..... و لكن كنت اود إعلامك بما حدث "
و هو يتحرك نحو الحمّام و بتثاؤب يقول : " ممتاز , و ماذا حدث ! "
لحقه عادل من خلفه و يقول : " اقصد , أنني سوف أقابلها اليوم كي نشاهد فيلم سينمائي "
بينما كريم يغسل وجه بالماء قال : " لقد تطورت بسرعة كبيرة "
ضحك عادل و قال : " حقا ! "
فنظر إليه و قال بحسرة : " بلى "
* * * * *
و بعد ساعة وقف عادل بالقرب من مدخل السينما منتظرا لقدوم ريم فسمع صوتها من خلفه تقول له :
" هل تأخرت ؟؟ "
التفت بسرعة و هو يتأمل ملابسها فقال مبتسما : " لا , لم يمض على قدومي كثيرا "
فأمسكت زراعه و قالت : " حسنا , هيا بنا "
فدخلا عادل و ريم السينما و أخذا في مشاهدة احد الأفلام الرومانسية الأجنبية الممتعة !
شعرت ريم بالسعادة المفرطة بعد خروجهم مباشرة , و قد كانت الساعة قاربت على
التاسعة مساءا , فطلب منها ان يدعوها على العشاء في إحدى مطاعم الوجبات
السريعة في وسط البلد , فوافقت على ذلك . . .
جلست ريم أولا ثم عادل على طاولتهم في انتظار وصول طعامهم فلاحظ فجأة أخرجت
ريم هاتفها و أعادت تشغيله , فقال لها باستغراب : " لماذا اطفأتي هاتفك ؟؟
"
ارتبكت ثم نظرت إليه و قالت : " خشيت ان يزعجنا احد أثناء الفيلم "
ضحك عادل و قال : " انا اسعد إنسانا بالدنيا "
فرفعت ريم إحدى ساقيها على الساق الآخر و قالت مبتسمة : " و انا أيضا "
بعد دقيقة سمع عادل النادل يصيح و يقول : " خمسة عشر .... خمسة عشر "
فرفع إصبعه لها و قال : " بعد ازنك ! "
ابعد كرسيه للخلف و ذهب نحوه الرجل الذي يناديه و اخذ صينية الطعام
البلاستيكية و جاء بها الى ريم , فجلس بكل هدوء و قال : " تفضلي ! "
ردت بتلقائية : " أشكرك "
في منتصف الجلسة قال لها دون ان ينظر إليها : " هل تستطيعي تحديد لي موعد مع والدك ؟؟ "
بينما تحاول وضع لقمة الطعام في فمها تجمدت فجأة , ثم قالت بتعجب : " ماذا قلت للتو ؟؟ "
نظر إليها و قال بتردد و بخوف : " هل تستطيعي تحديد .... لي موعد ...... مع والدك ؟؟ "
تركت تلك اللقمة التي بيدها و قالت : " هل أنت جدي ؟ "
ابتسمت ريم ثم قالت بسرعة : " لا انا لم اقصد هذا , و لكن ... هل يبدو انك تسرعت في الأمر قليلا ؟؟ "
عدل موضعه ثم قال بثقة : " هل هو كذلك ؟؟ "
فجأة رن هاتف ريم فارتبكت , فنظرت إليه و قالت : " المعذرة ! "
فأجابت على من يتصل بها و قالت : " السلام عليكم ! "
فأحمر وجهها ثم قالت : " لا .... الهاتف , لم ادري بأنه مغلق "
سكتت لفترة ثم قالت : " مع صديقتي ..... حسنا لن أتأخر "
أغلقت الهاتف ثم نظرت الى عادل بضجر و قالت : " المعذرة و لكن عليّ الذهاب الآن "
- " هل هذا أباكي ؟؟ "
- " من ؟؟ , نعم هو , المعذرة يا عادل سوف اتصل بك لاحقا ... "
و قامت ريم من مكانها و غادرت فورا دون حتى ان تكلمه , بينما هو ينظر إليها و يتمنى ان تبادله النظر ..
شعر عادل بيأس شديد حتى ترك المطعم و ذهب الى بيته . .
مر يومان كاملان دون ان تتصل به , وقد اشتعل قلبه محبة لها و كأنه عاشقا
لها منذ أمد بعيد , حتى و عندما يحاول ان يتصل هو بها لا تجبه , مما كان
يشعره بالقلق , فلم يكن لديه إلا اللجوء الى كريم ...
جلس عادل على مقعده أمام كريم و قال له بهدوء :
" يا كريم , لقد حاولت الاتصال بها مرارا و تكرارا و لكنها لم تجب "
و كأنه يكلم نفسه : " من وقت ما جاءها هذا الاتصال المفاجئ و أحوالها تغيرت "
ثم نظر إليه و قال : " حتى إنني أرسلت إليها رسائل على هاتفها و لكنها لم تجب , هل تعرف شيئا ؟؟ "
ظهر ارتباك على وجه كريم ثم قال : " صدقني يا عادل , لم يحدث أي اتصال بيني و بينها "
بسرعة : " حسنا , من فضلك اتصل بها الآن "
- " الآن ؟؟ "
بسرعة : " بلى , هيا "
فأخذ كريم هاتفه بتردد و أخذ يتصل بها حتى قال بعد وهله : " ريم مرحبا كيف حالك "
ثم قال بسرعة : " عادل معي هنا الآن لماذا لم تجيبي عليه , انه قلقا بشأنك "
فسرعان ما اخذ عادل الهاتف منه و قال : " مرحبا يا ريم ! "
فسمعها تقول له بصوت مرتكب : " من ؟ "
فأجابها باستغراب : " انا .. عادل "
فقالت له بجفاء : " أوه نعم .. مرحبا يا عادل "
- " لماذا لم تجيبي على هواتفي ؟ "
- " آسفة و لكني كنت منزعجة لأمر ما "
- " و الآن ؟؟ , هل ما زلتِ منزعجة ؟ "
ضحكت ثم قالت : " ماذا تريد ؟؟ "
نظر الى كريم نظرة خفية , ثم ابتعد عنه مسافة خمس او ست أمتار ثم قال لها :
" الموضوع الذي تحدثنا به منذ يومين "
ثم قالت بخلسة : " لا اعلم يا عادل , اظنك انك تسرعت قليلا , من فضلك هل تستطيع تأجيل هذا الموضوع ساعتان فقط ... "
- " حسنا كما تريدي .... "
* * * * *
لم يمض سوى ساعات قليلة حتى جاءه اتصال من ريم ...
ابتسم عادل , احمر وجه , و فرز كمية ليست بقليلة من الأدرينالين , حتى استعد قواه و تناول هاتفه و قال :
" مرحبا "
فقالت له بأنوثة : " مرحبا يا حبيبي "
صدم عادل عندما سمع هذا منها فقال : " هل أنا المقصود ؟ "
ضحكت ريم و قالت : " بالطبع , هل أحدث احد غيرك ؟ "
- " هل اعدتي التفكير فيما طلبته منك ؟ "
- " اوه نعم ... حسنا , هل أنت مشغول الآن ؟ "
- " لا , لست مشغولا "
- " حسنا سوف انتظرك في ستارباكس كافيه بعد ... بعد ساعة "
- " حسنا و انا سوف انتظرك من الآن "
- " مع السلامة يا عادل "
- " مع السلامة "
* * * * *
- " هل تعرفي يا ريم انك أول فتاة أحبها في حياتي ؟؟ " , قالها عادل لريم في المقهى ....
اصطنعت ريم ابتسامة ثم قالت : " و أنت أيضا "
فاقتراب النادل إليهم و قدم لهما القهوة و غادر على الفور
فقال لها : " هل تحدثتي مع والدك ؟؟ "
- " لا ليس بعد .. و لكني تحدث معه بشكل غير مباشر بشأني "
بعدم اقتناع : " و ماذا بعد "
ضحكت ثم قالت : " لا تقلق سوف أتحدث معه غدا "
رن فجأة هاتفها فتناولته فرأت اسما مألوفا فقالت لعادل : " المعذرة "
فقامت من مكانها و ابتعدت بعيدا حتى تتحدث على راحتها . . . .
فظل عادل ينظر إليها , فراها تتحدث بخفة دون ان تنفعل , فمضت دقيقتان حتى
قدمت إليه و جلست أمامه ثم قالت : " المعذرة يا عادل , انه أبي "
فجأة قالت له : " لماذا لا تنمي عضلات جسدك و تصبح كالمصارعين ؟؟ "
ضحك و قال : " لا أحب هذا , و لكن اذا كنتي مصّرة .. "
فابتسمت ثم قالت : " أود ان أسألك سؤال و لكن , أرجوك لا تسئ فهمي "
- " تفضلي "
ببطء : " كما تعلم ان ابي سوف يطلب منك بيت كي نعيش فيه "
فقال بثقة : " انا لدي بيت صغير , ابي اشتراه لي عندما كنا صغار "
ابتسمت ريم و قالت : " حسنا و .... "
قاطعها مبتسما و قال : " لا ... لا املك سيارة "
ضحكت ريم و قالت بسرعة : " لا لا اقصد هذا , بل هل ستجد عملا آخر غير هذا ؟ "
- " و ما به عملا , مما يشكى ؟؟ "
- " اقصد انه لن يكفي أسرة "
ضحك و قال : " على العموم هذا سابق لأوانه "
مرت ساعة من الحديث الذي سمح للطرفين التعرف الى بعضهم البعض حتى قدم النادل و قدم الفاتورة الى عادل , فأعطاه ما أراد و انصرف ...
فقالت ريم : " سوف أحدث أبي غدا , و هذا وعد مني لك "
فقال لها : " الساعة الآن الخامسة , هل لديكي مانع ان نتمشى قليلا على جوار النيل ؟ "
بابتسامة : " لا "
فأمسك يديها و قال لها : " هيا بنا "
ظلا يمشيان و يمشيان حتى وقف أمام احد الباعة للحمص الشام و قال لها : " الطقس بارد , هل تريدي "
ابتسمت و قالت : " يداك تكفيني ! "
ضحكت عادل و طلب من صاحب العربة و قال له : " من فضلك كوبان من حمص الشام "
بينما ريم تراقب الشارع و عادل يقف أمامها يحضر الكوبان من صاحب العربة , فجأة تصرخ ريم بشدة و تقول : " عادل انتبه ! "
لم يلاحظ عادل و إلا رجل من خلفه قد ضربه على امة رأسه فسقط على الأرض ملطخ بدمائه . . .
اقترب هذا الرجل الضخم ذو العضلات المفتولة من عادل و أمسكه من رقبته و قال لريم :
" هل هذا هو القذر الذي تفضليه عني ؟ "
فضربه مرة أخرى على رأسه فصرخ من شدة الألم و سقط مجددا , فحاول ان يقف و لكن لم يكن باستطاعته ...
بدأ الجمهور بالتجمع حولهم فصرخت ريم و قالت : " من فضلك يا بركات ... من فضلك , اتركه "
فصرخ في وجهها و قال : " اخرسي ! "
فأجمع عادل قواه و أفاق مما فيه , فوقف أمام هذا الضخم و قال له بهدوء :
" من فضلك يا سيد , يوجد فقط سوء ... تفاهم "
فصرخ و قال : " أي سوء هذا يا قذر , إنها خطيبتي يا حيوان "
ثم لكمه مرة أخرى على فكه فسقط عادل على الأرض و انعدمت الرؤية لديه و أصبحت مشوشة ...
فسمعه يحدث ريم يقول لها : " لا أريد ان أراكي ثانيا يا ساقطة , و ها هو محبسك "
فالقاه في وجهها و قبل ان يغادر ضرب عادل مجددا بقدمه و بصق عليه و غادر على الفور . . .
اقتربت ريم بسرعة إليه و جثت على ركبتيها و قالت بقلق : " عادل ... هل أنت بخير "
أبعدها بيده ثم استجمع قواه و حاول ان يتحرك و لكنه كان يقع في كل مرة ,
بينما الجمهور من حوله يحدقون النظر به و بريم محاولة لمعرفة لماذا حدث
لذلك . . .
حتى اقترب شاب قصير ناحيته حاول ان يساعده فقال له : " أين تريد الذهاب ؟ "
- " من فضلك أريد سيارة أجرة "
فلحقت ريم به كي تحاول ان تتكلم معه لكنه أبى , فركب سيارة الأجرة و انطلق نحو بيته . . .
* * * * *
عادل ملقيا على سريره يحاول ان يريح جسده مما حدث له , فجأة رن هاتفه و لكن
لم يستطيع الإجابة حتى خمس أو ست مرات , فتناوله عادل و أجاب بسرعة و قال :
" من معي "
فسمع صوت كريم يقول له : " عادل ماذا حدث لك يا صديقي "
- " اصمت , لقد كذبتم عليّ جميعا "
- " ماذا تقول ؟ "
- " كذبت عليّ عندما قلت لي بأنها ليست مخطوبة و لا اعلم ما تخفيه أيضا "
- " صدقني لم أكن اعلم , ريم لم تخبرني بذلك "
- " حسنا ! " و ألقى بالهاتف بعيدا . . . .
فأخذ يتأوه من ألامه حتى سمع صوت طرقات الباب فقال : " تفضلي يا أمي "
فدخلت سيدة كبيرة في السن رشيقة حزينة على ما حدث لابنها , فقالت له : " كيف حالك يا بنيّ الآن "
- " أحسن يا أمي "
فجلست بجواره ثم قالت : " هلا تقص لي ماذا حدث معك "
- " هل تتذكري الفتاة التي حدثك عنها من قبل ؟ "
- " ريم ! "
- " بلى , اكتشفت اليوم بأنه مخطوبة لرجل يشبه سلفستر ستالون "
ضحكت والدته و قالت : " من ! "
فضحك عادل و قال : " رآني معها اليوم و ابرحني ضربا "
و كأنه يكلم نفسه : " لا اعلم ما هي الحكاية "
- " الحكاية واضحة , أنها مخطوبة لرجل آخر و تريد ان تلهو معك "
فقال باستغراب : " تلهو معي "
- " بلى "
فأجابها بحزن : " حسبي الله و نعم الوكيل , الفتيات تلهو مع الشباب "
* * * * *
دخل عادل فجأة مكتب كريم فصعق من مكانه , فوقف بسرعة و حاول ان يهدئه :
" عادل , ماذا حدث لك , وجهك محطم كليا "
- " اخرس "
أغلق الباب من خلفه و اجبر كريم على الجلوس ثم جلس عادل بعده . . .
فقال له بكل حذر : " سيد كريم , يا صديقي العزيز , اخبرني الحقيقة كاملة و إلا لن تخرج من هنا سليما "
فنهض كريم و صرخ : " ماذا تقول يا ولد , هل نسيت نفسك ؟"
فأجبره عادل على الجلوس مجددا و قال بهدوء : " لا لم أنسى نفسي , انا لا أستطيع إيذاء ذبابة و لكن ... "
ثم صرخ و قال : " يا سالم "
فدخل رجل طويل عريض المنكبين اسود اللون و يحمل بين يديه سكينة حادة . . .
فصرخ كريم خوفا : " يا عادل نحن أصدقاء من فضلك لا تفعل هذا "
ظل يدور حول كريم و هو يقول : " اخبرني يا كريم , اخبرني القصة كاملة , و لماذا حدث ما حدث . . . ! "
- " حسنا , حسنا و لكن ابعد هذا عن هنا "
فصرخ عادل : " أكمل "
فقال كريم : " عندما غادرت النادي منزعجا بخصوص المخدرات , جلست ريم بجواري و قالت لي "
- " من هذا المدلل ؟ "
فقال كريم : " انه عادل يعمل لدينا في المتجر "
ثم قالت : " و لكنه هل هو ساذج قليلا ؟ "
ضحك كريم و قال : " جدا "
ظلت تفكر كثيرا حتى قالت : " ما رأيك بعمل لعبة صغيرة ؟ , مثل هذه الشخصيات يخرج منها الكثير "
باستغراب : " لعبة , أي لعبة ؟ "
ظلت تفكر و قالت : " سوف اشرح لك فيما بعد و لكن أريد منك ان تخبرني عن صديقك عادل "فقال عادل : " و ماذا بعد "
قال كريم : " أعطيتها بعض المعلومات عنك و عن ما تحب و عن ما تكره و هكذا ... "
- " ثم , ..... "
- " ثم أخبرتك بأنها تريد رقم هاتفك "
ثم أضاف كريم مبتسما : " و عندما قابلتها أول مرة في المقهى , اتصلت بها و
علمت ما حدث بينكم , بالطبع كنت مركزا للسخرية , و بعد ذلك بعد عودتكم من
السينما أخبرتني ماذا قلت لها , وانك تريد مقابلة والدها لخطبتها , أخبرتها
بأن لا تجيب علي هواتفك هذه الأيام و إن اطر الأمر تغلق هاتفها نهائيا , و
لكن خطيبها بركات كان دائما يسبب لها المتاعب ..... "
ثم قال كريم : " و عندما دعوتها على العشاء في مطعم الوجبات السريعة اتصل بها خطيبها بركات , مما جعلها تدعك و تغادر مسرعة "
سكت كريم قليلا ثم قال : " و عندما كنتم في المقهى في المرة الأخيرة اتصلت
بها و أخبرتني بأنك معها في نفس المقهى و انك من دعاها الى ذلك , فأخبرتني
بأنها حقيقياً أصبحت مشدوهة بك , بعيدا عن ما حدث مسبقا , و هي الآن تحبك
فعليا و أنها سوف تحدث والدها عنك و أنها سوف تصرف النظر عن بركات لأنها
تشاجرت معه لأمر بالغ الأهمية و لم تعد تحتمله , و لكن القدر لا يريد ان
يكملها معك , أرسل إليك بركات و حدث ما حدث "
اقترب عادل منه أكثر و قال : " تبا لك و لريم " ثم صفعه على خده و هّم
لمغادر المكتب حتى رأى أمامه ريم تبكي فحاولت ان تتحدث معه فتركها و مضى
سيره مما لحقت به حتى وقف و قال :
" ريم ! اغربي عن وجهي , لم اعد أود رؤيتك "
فتركها و مضى سيره و لكنها حاولت ان توقفه حتى صرخت : " اقسم لك إني أحبك
... أقسم لك إني احبك " و لكن لم يهتم بها و ذهب بعيدا فتجمدت ريم مكانها
يائسة فرددت مرة أخرى عبارتها بصوت منخفض قليلا :
" اقسم لك إني أحبك ... "
* * * * *
جلس عادل على سريره حزينا , شاردا , ضائعا , لماذا أول حب في حياته يصدمه هكذا ؟؟
هل يصفح عن ريم ؟؟ , و لكنها جعلت منه أضحوكة ,
لماذا لا يفسر هذا بأن القدر جعلها منذ البداية لعبة و اختتمها بزيجة ؟؟
" لماذا اصطنع لنفسي سببا من أجلها , هل أفكر بالإصفاح عنها ؟؟ "
" هل هذه طيبة . . . . أم سذاجة , في كلتا الحالتان ... دائما خاسرا "
* * * * *
تمت بعون الله