AH.DESIGN عضو متألق
الجنس : المشاركات : 160 المـكـان : jor.dan نقاطي : 486
| موضوع: الضباب القاتل الإثنين 15 أغسطس - 7:03 | |
| [size=29]الضباب القاتل
ضباب كثيف يحيط بكل شئضباب يغوص فيه البصر ويبذل أقصى جهده لاختراقه حتى يبلغ منشأهوياله من منشأقطعة من اللهب المشتعل كجمر ملتهب يتوهّج ويتألق ثم ينفث الضباب والدخانوالموت ..هذا ليس وصفا لوحش اسطوري رهيبانه وصف لتلك اللفافة الورقية التي نراها جميعا في الأفواهالسيجارة ..*******الواقع ان السيجارة لا تختلف كثيرا عن الوحوش الأسطورية بل إنها – في حد ذاتها – وحش مفترس لا يعرف الرحمة أو الشفقة وهو يفترس ضحاياه في بطء قاتلكأنما يتلذذ بالتهامهم قطعة قطعةوهذا الوحش صاحب الضباب القاتل ليس سوى لفافة ورقية ملفوفة بطريقة س حلزونية ومحاطة بغلاف ورقي آخر بالغ الدقة وبداخلهما أوراق تبغ مفرية ومضاف إليها مواد خاصة تمنحها نكهة مميزةولهذه السيجارة قصةففي نهاية القرن الخامس عشر استطاع الايطالي كريستوفر كولومبس اقناع ملك اسبانيا بالموافقة على اعداد حملة بحرية تشق طريقها إلى غرب المحيط الاطلنطي لبلوغ الهند من طريق خلفيوفي عام 1543 وصل كولومبس إلى سواحل جديدة غرب الاطلنطي وهبط فوقها وهو يتصور أنه قد بلغ سواحل الهند حتى انه لم يكد يرى السكان الأصليين حتى اطلق عليهم اسم الهنود الحمر لحمرة بشرتهم الزائدةوفي جلسة من جلساته مع الهنود الحمر رأي كولومبس الهنود يضعون في أنوفهم أوراق نباتات ملفوفة ويشعلون النار في اطرافها ثم يستنشقونها في عمقوحاول كولومبس تجربة هذا الشئ الجديد فوضع في انفه لفافه من أوراق التبغ واشعلها و.. وسقط يصرخ من الآم رئتيهولكنه – ولسؤء حظ العالم – لم يكتف بهذه التجربة السيئة بل راح يحاول استنشاق التبغ بأنفه مرة ومرة محاولا مجاراة الهنود الحمر حتى فشل في هذا تماما فتفتق ذهنه عن فكرة جديدةإذ وضع لفافة التبغ في فمه بدلا من أنفهوفي هذه المرة استطاع كولومبس احتمال الدخان الساخنوعندما عاد كريستوفر كولومبس إلى اسبانيا كان يحمل في يده وثيقة كشف أمريكاوفي فمه سيجارة مشتعلةوكانت البداية *******لقد جذبت السيجارة المشتعلة بين شفتي كولومبس انتباه المجتمع الاسباني بأكثر مما أثاره كشف أمريكا إذ لم يكن كولومبس قد أدرك بعد أنه بلغ أرضا جديدة وانما كان يتصور أنه وصل إلى الهند فحسبوبدأ افراد الطبقة الراقية الاسبانية يدخنون لفائف التبغ سرا ثم لم تلبث تلك العادة أن انتشرت اكثر واكثر فتجاوزت الطبقة الراقية إلى عامة الشعب في حين ظلت الدول المجاورة تستنكر هذه العادة وترفضهاوليت الدول أصرّت على رفضها هذاففي انجلترا مثلا بدأ البعض في تدخين أوراق التبغ الملفوفة سرا وظل المجتمع ينظر إلى من يفعلون هذا نظرة استنكار واستهجان حتى بدأ الملك إدوارد في تدخين لفائف التبغ علنا في البلاط الملكيوهنا سقطت كل الحواجزوخلال خمسة أعوام فحسب كانت اروبا كلها مغطاة بسحابة من ضباب التبغ بعد أن تحول التدخين إلى عادة منتشرةومع انتشار التدخين انتشرت زراعة التبغ وبدأ البعض في التفكير في انتاج هذه اللفائق على نحو أكبر واضخموفي عام 1872 بدأت عملية تصنيع السيجارة آلياوبدأ الانتشار الفعلي*******ومع بداية الحرب العالمية الأولى تضاعفت عملية انتاج وتصنيع السيجارة وانضم اليها السيجار الذي بدأ تصنيعه آليا عام 1902واليوم اصبحت تلك العادة السيئة أكثر انتشارا من أية عادة معروفة وبلغ عدد المدخنين ما يقرب خمسة مليارات من البشر ثلثهم – على الاقل من النساء والمراهقين- دون أن يسأل احد المدخنين نفسه ولو مرة واحدة ماهذا الذي يفعله ؟وماهو التبغ ؟؟والتبغ نبات من الفصيلة الباذنجانية اسمه العلمي نيكوتيناطاباكم وهو يحوي مادة النيكوتين ذات التأثير المخدر والتي تنفذ عبر الأغشية المخاطية للمسالك التنفسية وتسبب التهابها والتهاب الجهاز التنفسي مع مرور الوتومشكلة التدخين ليست قاصرة على المدخنين فحسب وانما تمتد – للأسف- إلى غير المدخنين ممن نطلق عليهم اسم ضحايا التدخين الإجباريوهؤلاء الضحايا المساكين يبدأ عذابهم الإجباري من قبل الميلاد فالجنين في بطن الأم المدخّنة يتأثر كثيرا بسحب الدخان التي تستنشقها الأم بإرادتها أو رغما عنها عندما تجلس في وسط من المدخنين فيصاب المسكين بتشوهات خلقية واستعدادات مؤسفة للإصابة بعدد من الأمراض فيما بعد ومع ولادته – لو نجا من هذه المرحلة- يضطر إلى احتمال سحب الدخان التي تنفثها أمه أو ينفثها أبوه في حجرته فتصاب رئتاه بالضعف والأمراض التنفسية العديدةومع نموه ينشأ المسكين في وسط دخاني فتتكون في رئتيه حبيبات الكربون كما لو كان مدخنا على الرغم من أنه لم يدخن سيجارة واحدة بارادته في عمره كلهوفي الخامسة والعشرين تصبح رئة الشبا هشة أشبه برئة مدخن قضي 15 عاما في التدخينوتهاجمه الأمراض في الأربعينأمراض التدخين*******وأمراض التدخين عديدة تبدأ بالتهابات واحتقانات الجهاز التنفسي وتنتهي بالاورام الخبيثة في الشفتين والحنجرة والرئتين والصدر مرورا بالتهابات العيون والجفون والأصابع وغيرها ..كل هذا يصيب المدخنين وضحايا التدخين الإجباري في نفس الوقتوالعجيب أنه حتى الشركات والمصانع التي تنتج السيجارة والسيجار وتبغ الغليون وغيرها تدرك تمام مضار ما تنتجه حتى انها لم تعترض قط عندما فرضت عليها حكومات الدول المختلفة أن تضيف إلى كل عبوة من عبوات انتاجاتها المختلفة عبارة تشير إلى أن التدخين ضار جدا بالصحة وإلى أنها تحذرك من أضرارهلم تعترض لأنها تعلم أن المدخنين سيتجاهلون هذه العبارة وسيواصلون تدخين سجائرهم حتى تبدأ الآم الصدر والرئتين وغيرهاكل ما فعلته الشركات المنتجة هو أن حاولت استنباط نكهات صناعية تمكنها من تقليل نسبة النيكوتين في منتجاتها دون اضاعة نكهة التدخين الخاصةوظهرت بالفعل انواع مختلفة من السجائر ذات اشكال انيقة وعبوات جذابة تماما مثل الأزهار المفترسة التي تغري فريستها بمظهرها البرا والوانها الصارخة حتى توقع بها ي براثنها فتفترسها بلا رحمةوفي هذه المرة كانت السجائر ذات نيكوتين قليل أو خالية منه تماما مع احتوائها على نكهات صناعية شهيرةوابتسم المدخنون في ارتياح وتصوروا ان هذه النكهات الصناعية ستحقق لهم المعادلة المنشودة وهي أن يمارسوا عادتهم القديمة دون قيود ودون أضرارولكن هذا لم يتحقّق*******لقد أثبتت الأبحاث الحديثة أن النكهات الصناعية أشد ضررا وفتكا من النيكوتين نفسه إذ أنها تسبّب الأورام السرطانية للمدخن وبنسبة سبعة وتسعين في المائة في حين لم يكن النيكوتين نفسه يسبب أكثر من أربعة وستين في المائة من الأورام الخبيثةثم أن الضرر لا يكمن في أوراق التبغ وحدها وإنما في الأوراق العادية التي تحيط بالتبغ في السيجارة فاستنشاق نواتج احتراق هذه الأوراق من قار وكربون تسبّب المزيد والمزيد من الأضرارولهذا قسّم العلماء والأضرار الناشئة عن التدخين فقالو أنها أقل ما يمكن في تدخين الغليون والنرجيلة وتبلع ذروتها في السيجارةوكل هذا لم يقنع المدخنين بالإقلاع عن عادتهم العجيبة هذهوفي دراسة خاصة بهذا الأمر ثبت أنه من العسير أن يقنع المدخنون بالإقلاع عن التدخين للأسباب الصحية أو الإقتصادية وحدها وأنه لا بدّ من استخدام التوعية الدينية أيضافالتدخين ضار والله سبحانه وتعالى أحلّ لنا الطيبات وحرّم علينا الخبائثفهل من مجيبمن المؤكد ومما لا شك فيه أن المدخنين سيقرأون هذا الموضوع ويجزعون بعض الوقت ثم يهزّون رؤوسهم في استخفاف ويشعلون سجائرهمبل أن بعضهم سيقرأه وبين شفتيه سيجارة وحول رأسه سحبسحب من الضبابالضباب القاتل.. [/size] | |
|