(1)
عِنَدَمّا تُطْرَح مُفْرَدَة « الْتَّغْيِيْر »
فَالْمَقْصُوْد – بِالتَّأْكِيْد – هُو الْتَّغْيِيْر إِلَى الْأَفْضَل .
سَتَجِد جَمَاعَتَيْن مُتَنَاحِرَتَيْن ، وَتَقِف كُل مِنْهُمَا ضِد
الْأُخْرَى ، وَمَن الْمُحْتَمَل أَن كِلْتَيْهِمَا تَرَدُّد مُفْرَدَة «
الْتَّغْيِيْر » .. الْمُشْكِلَة – وَالِاخْتِلَاف – يَبْدَأ مِن ( إِلَى
الْأَفْضَل ) .. كُل مِنْهُمَا يُرَى أَن « أَفْضَل » الْآَخِر : أَسْوَأ !
(2)
الْمُجْتَمَعَات الْحَيَّة وَالْحَرَّة هِي الَّتِي تَحْتَفِي
بِالْتَّغْيِيْر وَتَبْتَكِر لَه أَفْضَل الْوَسْائِل الْآمِنَة ،
وَتَتَجَدَّد كُل فِتْرَة عَبْر الْنَّقْد الْمُتَوَاصِل لِأَدَائِهَا
وَأَدَاء مُؤَسَّسَاتِهَا.
الْمُجْتَمَعَات الْمُحَافَظَة جَدَّا ً هِي الَّتِي تَبْتَكِر عِبَارَات مِثْل ( الْلَّه لَا يُغَيِّر عَلَيْنَا )
وَتُصْبِح جُزْءا ً مِن ثَقَافَتِهَا ! .. لِأَن الْتَّغْيِيْر يَعْنِي
وُصُوْل شَيْء جَدِيْد ، وَمُرَاجَعَة أَشْيَاء قَدِيْمَة .. وَهِي تَخَاف
مِن الْمَجْهُوْل وَمَا يَحْمِلُه مَعَه مِن أَشْيَاء جَدِيْدَة .. لِهَذَا
تُفَضِّل الْقَدِيْم رَغْم مَا فِيْه، وَتَنْحَاز لِلْثَّبَات ضِد
الْتَّغْيِيْر .
(3)
الْبَعْض لَا يَرُوْق لَه « تَغْيِيْر » لَوْن طِلَاء مَنْزِلَك مَن
الْخَارِج .. كَأَنَّك كَان يَجِب عَلَيْك أَن تَسْتَشِيْرُه – أَو
تَسْتَأْذِنُه – قَبْل أَن تَفْعَل هَذَا !
الْبَعْض الْآَخِر سَيَتَجَاوَز ، وَيَقُوْل لَك : إِنَّك بِهَذَا الْطِّلَاء الْجَدِيْد شُوِّهَت « هُوِيَّة » الْشَّارِع وَالْحَارَة . وَمَن الْمُحْتَمَل أَن يَبْدَأ بِحَرْبِك !
كَيْف سَتَكُوْن رَدَّة فِعْل هَؤُلَاء لَو فَكَّرْت بـ « تَغْيِيْر » أَثَاث الْبَيْت وتَصَامِيمُه مِن الْدَّاخِل ؟!
(4)
هُنَاك مِن دُعَاة الْتَّغْيِيْر مِن سيَتَعَامِل مَع الْتَّغْيِيْر بَسَطَحَيّة : سَيُطَالِبُك بِتَغْيِيْر مَلَابَسَك !
وَهُنَاك مَن سيَتَعَامِل مَعَه بِتَطَرُّف : سَيُطَالِبُك بِتَغْيِيْر جِلْدَك وَلَوْن عَيْنَيْك !
أَيُّهُمَا أَكْثَر حَمَاقَة ؟!
الْتَّغْيِيْر
يَبْدَأ بِفِكْرَة .. تَهُز رَأْسُك ، وَتُغَيِّر نَظْرَتُك لِلْأَشْيَاء ،
وَتُعِيْد تَرْتِيْب عِلَاقَاتِك مَع الْأَشْيَاء حَوْلِك .
الْتَّغْيِيْر : هَدَف وَاضِح .. تَذْهَب إِلَيْه ، وَتُعْرَف الْوَسِيْلَة
الَّتِي تَنْقُلُك ، وَتَقَاتَل مِن أَجْل الْوُصُول إِلَيْه ..
وَتَحْقِيْقُه .
(5)
عَلَى الْمُسْتَوَى الْشَخْصِي : هَل تَرْغَب فِي الْتَّغْيِيْر ؟..
طَبْعَا ً إِلَى الْأَفْضَل : فِي تَحْسِيْن حَيَاتِك ، ودَرَجَتك
الْوَظِيْفِيَّة ، وَنَوْع مَسْكَنُك ، وَحَجَّم دَخْلَك ، وَعَلاقاتُك مَع
الْآَخَرِيْن ، وَالْوُصُوْل إِلَى بَعْض أَحْلَامَك ... أَغْلَب
الْإِجَابَات سَتَكُوْن : نَعَم .
حَسَنا ً : هَل لَدَيْك خُطَّة لِلْتَغْيِير ؟.. هَل فَكَّرْت : كَيْف ؟.. هَل بَدَأَت بِالْعَمَل ؟
الْإِجَابَات فِي الْغَالِب سَتَكُوْن : لَا !
إِذَن .. أَنْت مِن جَمَاعَة ( الْلَّه لَا يُغَيِّر عَلَيْنَا ) .. أَو بِالْأَصَح : لَا تَخْتَلِف عَنْهُم سِوَى بِالْثَرْثَرَة !
(6)
الْتَّغْيِيْر يَبْدَأ مِنْك !
اسْتَغْرَب مِن شَخْص يُثَرْثِر لَيْل نَهَار – وَعَبَر كَافَّة
الْوَسْائِل وَالْمَنَابِر الْمُتَاحَة – عَن الْتَّغْيِيْر ، وَهُو لَم
يُفَكِّر ، وَلَم يَعْمَل – عَلَى سَبِيِل الْمِثَال – عَلَى تَغْيِيْر وَزْنُه مِن 120 كَجَم إِلَى 80 كَجَم !
لَا تَظُنُّوْا أَن مِثَال تَغْيِيْر وَزْن الْجِسْم مِثَال سَطْحِي ..
الْسَّطْحِي : أَن تُفَكِّر بِتَغْيِيْر أُسْرَتِك وَأَنْت لَم تُغَيِّر
نَفْسَك ، أَو أَن تَحْلُم بِتَغْيِيْر الْمَدِيْنَة وَأَنْت لَم تَنْجَح
بِإِحْدَاث تَغْيِيْر فِي الْشَّارِع الَّذِي تَعِيْش فِيْه .
الْتَّغْيِيْر .. تَغْيِيْر كُل شَيْء حَوْلِك .. يَبْدَأ مِنْك أَنْت .
(7)
عَلَى مُسْتَوَى الْدُّوَل وَالْأُمَم : الْتَّغْيِيْر سُنَّة كَوْنِيَّة .
وَعِنْدَمَا تَهُب رِيَاح الْتَّغْيِيْر ، لَا
تَقِف فِي وَجْهِهَا .. سَوْف تَقتَلْعك . عَلَيْك أَن تُرَتِّب بَيْتِك
الْتَّرْتِيْب الْمُنَاسِب .. حَتَّى تَتَحَوَّل « الْرِّيَاح » إِلَى «
نَسَمَات » حُلْوَة .
(8)
الْتَّغْيِيْر يَبْدَأ مِنْك أَنْت .
تحياتي لكم