بسم الله الرحمن الرحيم
قتلتنا الحيـرة في أهـل السيـرة !!
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
( المقال للكاتب السوداني / عمر عيسى محمد أحمد )
يحسبه
أعمى ثم يتحسس أطراف بنانه ليدير دفة الخطوات .. وذاك الأعمى محسوب بالعمى
رغم أعينه التي ترى .. ولكن حكم القوي أسقط الحقيقة ثم أٌقام العلة بغير
علة .. فتعامى وهو غير أعمى .. وأخلص النية بالخضوع لفروض الأقوى .. ثم أقر
بمبدأ السمع والطاعة .. والشك قائم في أخلاصه على المدى .. فربما تكون
للصمت والخضوع مآرب أخرى .. والإنسان مفطوم على المنافع والمكر بين الورى
.. ولا يكون الإخلاص رغم الجور والظلم إلا لمن ينال في صمته ما يوازي مقدار
الهوى .. فكم يا ترى ثمن من يسمع ويرى الظلم ثم يقسم بالله بأنه لا يسمع
ولا يرى .. وذاك المتمكن لظهر المطية يبذل الأعلاف ثم يمسك بالعصا .. تارة
يزجر وتارة يدير دفة القامة نحو الثرى .. وأما ذاك الذي رضي بأن يكون هو
المطية فالعطاء له يكون بالقدر الوفير حتى يقول كفى .. جدل بين أطراف
الوثيقة وحسابات عرض جائر وقبول بالرضا .. متسلط عرف الكتف كيف يوكل فتمادى
وافترى .. ومتملق أبدل الكرامة بالمذلة حتى يقول أنـا هنـا .. وهنا تسقط
الهيبة والكرامة والمقام والذات العلا .. والأنفس تصبح سلعة تعرض وتباع ثم
تكون لمن هو سعره الأعلى .. والمعاني النبيلة تصبح في أوهام الريشة بغير
أوزان فكم يا ترى !! .
وتلك
الأبواق التي نالت الشهرة ونادت بالحيادية وإظهار الحقائق مجردة ً.. نراها
فجأة أخلفت وعودها ثم عملت بإشارات الآخرين .. وأصبحت مطية تردد كالببغاء
صدى أصوات الأسياد .. فانهارت وسقطت من مقامات الأنظار .. أملاً كان ذات
يوم ثم كذبة بين ليلة ونهار .. وهي أصبحت مرهونة بإشارات الآخرين ترى وتسمع
ثم تدعي أنها أعمى وأصم .. وتلك الدول التي هي في عمق العشيرة ثم تتبنى
مواقفها بإشارات من الخارج ومن الأعداء .. وبالإقرار منها دون إنكار .. وهي
تدعي أيضاً أنها أعمى ولا تـرى .. وعند المحن تفقد الذات لتكون هي القاعدة
التي تنطلق منها نار الأعداء .. والنفاق هنا يصبح رهناً يقبل التراضي
والقبول .. ولا يشين أصحابها متى ما كانوا في حماية الأقوياء .. وتلك
السيرة المحيرة عشناها لسنوات وسنوات .. فهل قدم الربيع العربي ليقول
للأعمى أنت بصير .. ويقول لذلك المنهار أنت ما زلت منـا وفينـا .. وهل قدم
الربيع العربي ليعيد معاني الكرامة والشهامة والرجولة لمواضعها في قواميس
الأعراف .. وهل يستطيع احد بعد ذلك أن يتجرأ ويقول ذاك هو المبصر وذاك هو
الضرير .. دون وجل من متملق أو خوف من متسلط .. أم سوف تكون الأحوال كما
كانت قائمة من قبل .. فارس ومطية .. أهل مآرب وأهل أوامر ثم أهل سمع وطاعة
.. ولو دامت الأحوال كما كانت سابقاً فإن الربيع العربي يكون قد أهدر تلك
الدماء الطاهرة سداً .. وتلك الأنفس البريئة تكون قد رحلت بغير أثمان ..
وتصبح تلك الانتفاضات مجرد زوبعة في فنجان .. وتأخذ حيزاً من هوامش التاريخ
بعد ذلك بغير انجازات وبغير أهداف مقروناً بالأسف والحسرة . فنطلب من الله
الكريم أن يجعل من ذاك الأعمى المتعامي أن يسمع ويرى .