كذبات أمي الثمانية


مواضيع متنوعة
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر

 

  كذبات أمي الثمانية

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
يوث
عضو جديد
عضو جديد
يوث


الجنس : ذكر
المشاركات : 8
المـكـان : السعوديه
نقاطي : 24

 كذبات أمي الثمانية Empty
مُساهمةموضوع: كذبات أمي الثمانية    كذبات أمي الثمانية Emptyالجمعة 18 نوفمبر - 9:01

كذبات امي الثمانية
للدكتور مصطفى العقاد


************

ثماني مرات : كذبت أمي عليّ !!!...

تبدأ القصة عند ولادتي ، فكنت الابن الوحيد في أسرة شديدة الفقر

فلم يكن لدينا من الطعام ما يكفينا ....

وإذا وجدنا في يوم من الأيام بعضا ًمن الأرز لنأكله ويسد جوعنا :

كانت أمي تعطيني نصيبها .. وبينما كانت تحوِّل الأرز من طبقها إلى

طبقي كانت تقول :يا ولدي تناول هذا الأرز ، فأنا لست جائعة ..

وكانت هذه كذبتها الأولى

وعندما كبرت أنا شيئا قليلا كانت أمي تنتهي من شئون المنزل وتذهب

للصيد في نهر صغير بجوار منزلنا ، وكان عندها أمل أن أتناول سمكة قد

تساعدني على أن أتغذى وأنمو ، وفي مرة من المرات استطاعت بفضل

الله أن تصطاد سمكتين ، أسرعت إلى البيت وأعدت الغذاء ووضعت

السمكتين أمامي فبدأت أنا أتناول السمكة الأولى شيئا فشيئا ، وكانت أمي

تتناول ما يتبقى من اللحم حول العظام والشوك ، فاهتز قلبي لذلك ،

وضعت السمكة الأخرى أمامها لتأكلها ، فأعادتها أمامي فورا وقالت :

يا ولدي تناول هذه السمكة أيضا ، ألا تعرف أني لا أحب السمك ..

وكانت هذه كذبتها الثانية

وعندما كبرت أنا كان لابد أن ألتحق بالمدرسة ، ولم يكن معنا من المال

ما يكفي مصروفات الدراسة ، ذهبت أمي إلى السوق واتفقت مع موظف بأحد

محال الملابس أن تقوم هي بتسويق البضاعة بأن تدور على المنازل

وتعرض الملابس على السيدات ، وفي ليلة شتاء ممطرة ، تأخرت أمي في

العمل وكنت أنتظرها بالمنزل ، فخرجت أبحث عنها في الشوارع المجاورة ،

ووجدتها تحمل البضائع وتطرق أبواب البيوت ، فناديتها : أمي ، هيا نعود

إلى المنزل فالوقت متأخر والبرد شديد وبإمكانك أن تواصلي العمل في الصباح ،

فابتسمت أمي وقالت لي : يا ولدي.. أنا لست مرهقة ..

وكانت هذه كذبتها الثالثة

وفي يوم كان اختبار آخر العام بالمدرسة ، أصرت أمي على الذهاب معي ،

ودخلت أنا ووقفت هي تنتظر خروجي في حرارة الشمس المحرقة ،

وعندما دق الجرس وانتهى الامتحان خرجت لها فاحتضنتني بقوة ودفء

وبشرتني بالتوفيق من الله تعالى ، ووجدت معها كوبا فيه مشروب كانت

قد اشترته لي كي أتناوله عند خروجي ، فشربته من شدة العطش حتى ارتويت ،

بالرغم من أن احتضان أمي لي : كان أكثر بردا وسلاما ، وفجأة نظرت

إلى وجهها فوجدت العرق يتصبب منه ، فأعطيتها الكوب على الفور وقلت لها :

اشربي يا أمي ، فردت : يا ولدي اشرب أنت ، أنا لست عطشانة ..

وكانت هذه كذبتها الرابعة

وبعد وفاة أبي كان على أمي أن تعيش حياة الأم الأرملة الوحيدة ، وأصبحت

مسئولية البيت تقع عليها وحدها ، ويجب عليها أن توفر جميع الاحتياجات ،

فأصبحت الحياة أكثر تعقيدا وصرنا نعاني الجوع ، كان عمي رجلا طيبا

وكان يسكن بجانبنا ويرسل لنا ما نسد به جوعنا ، وعندما رأى الجيران

حالتنا تتدهور من سيء إلى أسوأ ، نصحوا أمي بأن تتزوج رجلا ينفق

علينا فهي لازالت صغيرة ، ولكن أمي رفضت الزواج قائلة :

أنا لست بحاجة إلى الحب..

وكانت هذه كذبتها الخامسة

وبعدما انتهيت من دراستي وتخرجت من الجامعة ، حصلت على وظيفة

إلى حد ما جيدة ، واعتقدت أن هذا هو الوقت المناسب لكي تستريح أمي

وتترك لي مسؤولية الإنفاق على المنزل ، وكانت في ذلك الوقت لم يعد

لديها من الصحة ما يعينها على أن تطوف بالمنازل ، فكانت تفرش فرشا

في السوق وتبيع الخضروات كل صباح ، فلما رفضت أن تترك العمل

خصصت لها جزءا من راتبي ، فرفضت أن تأخذه قائلة :

يا ولدي احتفظ بمالك ، إن معي من المال ما يكفيني ..

وكانت هذه كذبتها السادسة

وبجانب عملي واصلت دراستي كي أحصل على درجة الماجيستير ،

وبالفعل نجحت وارتفع راتبي ، ومنحتني الشركة الألمانية التي أعمل بها

الفرصة للعمل بالفرع الرئيسي لها بألمانيا ، فشعرت بسعادة بالغة ،

وبدأت أحلم ببداية جديدة وحياة سعيدة ، وبعدما سافرت وهيأت الظروف ،

اتصلت بأمي أدعوها لكي تأتي للإقامة معي ، ولكنها لم تحب أن تضايقني

وقالت : يا ولدي .. أنا لست معتادة على المعيشة المترفة ...

وكانت هذه كذبتها السابعة

كبرت أمي وأصبحت في سن الشيخوخة ، وأصابها مرض السرطان اللعين ،

وكان يجب أن يكون بجانبها من يمرضها ، ولكن ماذا أفعل فبيني وبين

أمي الحبيبة بلاد ، تركت كل شيء وذهبت لزيارتها في منزلنا ، فوجدتها

طريحة الفراش بعد إجراء العملية ، عندما رأتني حاولت أمي أن تبتسم لي

ولكن قلبي كان يحترق لأنها كانت هزيلة جدا وضعيفة ، ليست أمي

التي أعرفها ، انهمرت الدموع من عيني ولكن أمي حاولت أن تواسيني

فقالت : لا تبكي يا ولدي فأنا لا أشعر بالألم ...

وكانت هذه كذبتها الثامنة

وبعدما قالت لي ذلك ، أغلقت عينيها ، فلم تفتحهما بعدها أبدا ...


إلى كل من ينعم بوجود أمه في حياته :

حافظ على هذه النعمة قبل أن تحزن على فقدانها ...


"منقووول"
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
كذبات أمي الثمانية
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الملاك :: [ مـنـتـدى الـمـلاك الأدبــيـة ] :: مـلاك القصص و الحكايات-
انتقل الى: