[size=21]ريش الطاووس
قصة للاطفال
سحر حمزة
مع
إطلالة شمس النهار ،ترقرق الندى فرحاً ، غردت عصافير الحقل ،تغني سمفونية
غير عادية ،اليوم عرس سعيد ،نهضت سعاد على غير عادتها ،مبتسمة فرحة ،اليوم
ستكون سعاد جديدة بعد زفافها ،ستغادر أهلها وكل عاداتها السابقة ،ستسكن في
بيت جديد غير بيتها ،وتنام دون أمها وأخوتها ،اليوم ستنتقل إلى حياة جديدة
،من تبعية الأهل إلى تبعية مسؤول جديد سيكون زوجها وحبيبها وكل حياتها
،لطالما حلمت بهذا اليوم مثل كل البنات ،اليوم هي العروس ،والكل سيحتفي بها
،تذكرت سعاد طفولتها وشريط حياتها ،ويوم خطبتها لابن عمها ،وكيف سترحل
معها إلى ما وراء الحدود حيث يعمل ،كانت تشعر بأنها سعيدة وأنها محظوظة وقد
تحقق حلمها ،فماجد ابن عمها ،حبيبها الذي طالما حلمت به ،ويجب أن تجهز
نفسها لتكون اجمل وابهى عروس يراها ويعيشا سوية عيشة قائمة على الحب
والتفاهم والإحترام ،عاهدت نفسها ان تسعده ،كما هو عاهدها ،فقررت الوفاء
بذلك من أول يوم لها معه ،ليراها أجمل نساء الدنيا ،وأحلاهن شكلاً ،جمعت
أفكارها وقررت أن تكون عروسامثل الطاووس الأبيض في الحديقة التي تجاور بيت
اهلها،وكانت تؤمن بأن بعض الريش من الطاووس الابيض سيجعلها رائعة المحيا
،راقية متميزة ،فقررت أن تحضر بعضا من ريش الطاووس بمساعدة اخيها ،وبدأ
نهارها وهي مرتبكة ،غير متزنة ،تترنح كمن شرب كاسا اسكره من شدة السكر صار
يهذي ويرقص ويغني ،لكنها تيقظت أن الأمر لا يحتمل ذلك ويجب أن تصحو وتنهض
بقوة بكل قواها ،وفعلاً بدات ،ذهبت مسرعة إلى حقائبها وتفقدت نواقصها ،ثم
التفتت إلى ثيابها كلها ،واولها كان عليها تجهيز ثوب زفافها ،كي ترتديه في
هذا اليوم الذي يعتبر بالنسبة لها يوماً غير عاديّ ، صارت تروح وتأتي من
غرفتها للشرفة للحمام للمطبخ تختال ترقص تغني ،تنادي أمها ،وأخوتها كي
يساعدوها ،ما زال الثوب يحتاج لإضافات والتاج والطرحة والورود البيضاء غير
جاهزة ،جميعها رتوش وإكسسوارات مكملة ،شعرها منكوش وثوبها ملقى على السرير
،وكل ما فيها مبعثر حتى هي نفسها ،لم تستطع لملمة افكارها ،اليوم كل شيء
ابيض في حياتها ،حتى الريش الذي ستضعه على رأسها يجب أن يكون ابيض اللون
،أستجمعت قواها ،وحاولت التركيز من اين تبدأ ،المشكلة بالريش من أين تحضره
،قالوا لها أن هناك حديقة بالجوار فيها طاووس أبيض بدل ريش الحمام لإنه
انظف وأجمل ،قررت أن تطلب من اخيها مساعدتها في الحصول على الريش لكن الامر
يحتاج منه ذكاء كي يتمكن من ذلك ،قال لها هناك عقبات ونحتاج لإذن من
الحارس كي يعطينا ثلاث ريشات بيضاء من الطاووس الذي في الحديقة ،قالت أذهب
معك وأشرح له الموضوع .قال لها أخوها لا لا أنت عروس والعروس يوم زفافها لا
تخرج إلا لبيتها ،قالت له اشرح لي كيف تحضر الريش ،أردف قائلاً :لا عليك
سأدبر نفسي ،إنطلق كالسهم إلى الحديقة ،شاهد كافة أنواع الطيور إلا الطاووس
،فقد إختفى ،سأل الناس والحارس بالجوار قال لا أدري ،فجأة هو غير موجود
ولا علم لي أين يكون ،قرر الاخ البحث في الاقفاص لعله نائم ،متخفي مختبئ
،لكن دون جدوى ،فقرر أن يبحث عن أي ريش ابيض يحضره لأخته من طيور الحديقة
،لكنه لم يجد ،كل الطيور ملونة رمادية حمراء زرقاء سوداء إلا الحمام الابيض
الموشح بالاسود ،فكر بالامر وقرر أخذ الريش من الحمام لكن الحارس قال له
:يجب ان تحصل على أذن مسبق من إدارة الحديقة ،أنا لا أستطيع إعطاءك فقال له
أذن إفسح لي الطريق للدخول للقفص ساقوم باللازم ،فقال الحارس لا يمكن
ممنوع ،وخلال المناقشات وتبادل الأحاديث ،فجأة ظهر الطاووس مختالاً بريشه
ألابيض الجميل ،وقد فتح جناحيه الرائعين حوله كستارة بيضاء مزركشة فرح الاخ
وقال هاقد حلت المشكلة ساعدني كي آخذ ثلاث ريشات من ريش الطاوورس وينتهي
الامر فقال الحارس :يجب الحصول على إذن إنتظر هنا ّ! فذهب الحارس واتصل
بمدير الحديقة وأخبره بالحكايه ،وما كان منه إلا الموافقة وقال له :عليه
دفع مبلغ 50دينارا مقابل ذلك ،فقال الحارس إن شاء الله سيدي ،عاد الحارس
واخبر أخـا العروس بالأمر ،وعلى الفور وافق الأخ ودفع المبلغ ،وساعده
الحارس في الحصول على ثلاث ريشات من الطاووس ،فاسرع إلى أخته وقال لها
:بالعافية تمكنت من إحضار الريش ،المهم أن تفي بالغرض ،فرحت البنت كثيراً
بالريش وتزينت وأرتدت ثوب الزفاف ،وبعد تثبيت الاكليل والتاج على طرحتها
أضافت ريش الطاووس على شكل شعاع خلف رأسها تماما كما طاووس الحديقة ،وحين
وضعتها تحولت إلى نجمة ساطعة تشع بالجمال ،وخرجت كما كل عرائس الدنيا إلى
الجمهور الذي حضر الحفل وهي تتبختر وتختال بمشيتها وتتهادى فصفق الناس من
حولها وعلا صوت الزغاريد التي باركت لها يوم زفافها و حوَّلها إلى أنثى من
نوع خاص تتقلد ريش طاووس على رأسها كي تكون أكثر تميزا بين قريناتها في
ليلة عمر لا يمكن نسيانها طول حياتها . [/size]